جائزة نوبل لعام 2016 في الطب للعالم الياباني Yoshinori Ohsumi
حصل اليوم الاثنين الموافق 3/10/2016 العالم الياباني يوشينوري اوسومى علي جائزة نوبل للطب.
سبب الحصول علي الجائزة: اكتشاف ظاهرة الالتهام الذاتي للخلايا Autophagy ، ولكن كيف اكتشف العالم الياباني هذه الظاهرة وماهي أهمية اكتشافها وانعكاساتها علي علوم الطب الحديث؟
وترجع اهمية تلك الظاهرة (أي الالتهام الذاتي) إلى تمكين الخلية الحية في التخلص بل وتدوير العديد من المكونات الخلوية الضارة بالخلية وتحولها إلي مواد تقوم الخلية بالتغذية عليها والاستفادة من مكونتها .
في عام 1950 اكتشف العلماء وجود احد عضيات الخلية وهو اليسوسوم Lysosome والذي تستخدمه الخلايا في هضم وتحليل مكونات الخلية، ونتيجة لاكتشاف اليسوسوم (حوصلة تحتوي علي انزيمات هاضمة قادرة علي هضم جميع مكونات الخلية من بروتينات ودهون وأحماض نووية) حصل العالم البلجيكي كرستيان دي دوفو علي جائزة نوبل في الفسيولوجيا عام 1974.
في عام 1960 عندما اكتشف العلماء ان الخلية تقوم بتدمير بعض المكونات الغير مرغوبة بداخلها وذلك من خلال التحفظ علي تلك المكونات داخل حويصلات صغيرة، بعدها تم اكتشاف وجود كميات كبيرة من تلك الحويصلات (التي تحتوي علي المكونات المطلوب التخلص منها) داخل اليسوسوم Lysosome او الجسم الملتهم، كما تم اكتشاف حويصلات كبيره ناقلة تقوم بنقل مكونات الخلية المراد التخلص منها الي اليسوسوم وسميت تلك الحويصلات الكبيرة باسم حويصلات الالتهام الذاتي Autophagosomes
ماذا فعل العالم الياباني للحصول علي جائزة نوبل للطب هذا العام 2016
1. في عام 1988 بداء أبحاثه علي خلايا الخميرة حيث تم التركيز علي بعض الفجوات الهاضمة داخل خلايا الخميرة وهي ما تماثل اليسوسوم في الخلية الحيوانية.
2. تم اختيار خلايا الخميرة نظرا لسهولة العمل عليها مقارنة بالخلايا البشرية حيث تستخدم تلك الخلايا في اكتشاف العديد من الجينات التي تتحكم في جميع العمليات الحيوية داخل الخلية.
3. في البداية واجه العالم الياباني Ohsumi تحدي كبير نظرا لصغر حجم خلايا الخميرة وبالتالي لم يتمكن في البداية من رؤية الفجوات الهاضمة وبالتالي لم يكن متأكد من وجود عملية الالتهام الذاتي في خلايا الخميرة.
4. وهنا تساءل العالم اليابان (بداية الحصول علي جائزة نوبل) كيف يمكن إثبات وجود عملية الالتهام الذاتي داخل خلايا الخميرة، فكر العالم في فكره ذكية وهي ماذا لو استطاع ان ينتج خلايا خميرة معدلة وراثيا لا تحتوي علي الإنزيم المسئول عن هضم الفجوات المحملة بالمواد التي ترغب الخلية التخلص منها.
55. بالفعل قام العالم اليابان بعمل بعض التحويرات الجينية في خلايا الخميرة نتج عنها عدم وجوك الأنزيم الهاضم لمكونات الخلية التي يرغب التخلص منها حيث يتواجد هذا الإنزيم داخل اليسوسوم.
6. نتج عن هذا ان خلايا الخميرة المحورة فقدت قدرتها علي إنتاج الإنزيم المطلوب لهضم المكونات الغير مرغوب فيها، وبالتالي تجمعت داخل خلايا الخميرة اعداد كبيرة من الفجوات الممتلئة بالمواد او عضيات الخلية المراد التخلص منها.
7. ولتنشيط عملية الالتهام الذاتي قام العالم الياباني بتعريض خلايا الخميرة الي العديد من المؤثرات الضارة للخلية مثل نقص الغذاء او الأكسجين، حيث انه بتعرض الخلايا لتلك العوامل الضارة تبدأ الخلايا في تحليل بعض مكونتها بغرض حماية نفسها من الدمار الكلي والحصول علي المزيد من الطاقة او المواد الغذائية اللازمة وبالتالي تقوم تلك الخلايا بتنشيط ظاهرة التحلل الذاتي.
8. بهذه الحيلة الذكية استطاع العالم الياباني رؤية واثبات وجود عملية الالتهام الذاتي داخل خلايا الخميرة بعد ان تم تصوير اعداد كبيرة من الفجوات المليئة بالمواد المراد التخلص منها بواسطة الميكروسكوب الإلكتروني في خلايا الخميرة المحورة وراثيا.
9. وقد استفاد العالم الياباني من وجود تلك الأنواع المعدلة وراثيا من الخميرة في اكتشاف العديد من الجينات المسئولة حيث تساءل للمرة الثانية انه إذا استطاع ان يبطل عمل الجينات المسئولة عن ظاهرة الالتهام الذاتي فلن تظهر تلك الفجوات داخل الخلية مره أخري.
10. قالم العالم الياباني بعمل العديد من التحويرات العشوائية لإبطال عمل العديد من الجينات ودراسة اثر تلك التحويرات (إبطال عمل الجينات) علي حدوث ظاهرة الالتهام الذاتي، وبتكرار تلك التحويرات استطاع اوسومي ان يكتشف الجينات المسئولة عن حدوث تلك الظاهرة الهامة التي تمكن الخلية من التخلص من أي مكونات ضارة بداخلها سواء كان ذلك احد عضيات الخلية التالفة او ميكروبات مهاجمة مثل الفيروسات والبكتيريا وغيرها.
11. ومن هنا مكن هذا العالم باقي العلماء من خلق نموذج في خلايا الخميرة سهل التعامل معه يمكن من خلاله دراسة اهمية هذا الظاهرة للخلايا البشرية.
12. ومن خلال هذه الأبحاث والتعرف علي الجينات التي تتحكم في ظاهرة الالتهام الذاتي امكن التعرف علي دور هذه الظاهرة في حدوث العديد من الأمراض مثل مرض باركنسونز ومرض السكر النوع الثاني وامراض الشيخوخة وغيرها، ونتيجة لهذا الاكتشاف الهام تقوم العديد من شركات الأدوية حاليا في إنتاج العديد من الأدوية الخاصة بالتحكم في الجينات المسئولة عن التحكم في ظاهرة الالتهام الذاتي والتي قد يتسبب حدوث أي خلل بها التعرض للعديد من الأمراض الجينية الخطيرة.
في النهاية، حصل العالم اليابان اوسومي علي جائزة نوبل في الطب لعام 2016 لأنه استطاع ان يفكر بطريقة صحيحيه وان يفترض نظرية ويحاول إثباتها ولإثبات النظرية فلابد وان يفكر في طرق متعددة يمكن من خلالها تحقيق هدفه وعندما يحقق الهدف ويستطيع اثبات نظريته تكون المكافأة، هي جائزة نوبل للطب لعام 2016 وهي اعلي جائزة علمية يحلم بها أي عالم جاد.
اثبت اوسومي وجود ظاهرة التحلل الذاتي Autophagyy في خلايا الخميرة واستخدم تلك الخلايا في دراسة تلك الظاهرة في خلايا الإنسان واستطاع ان يكتشف مجموعة الجينات المسئولة عن التحكم في تلك الظاهرة البيولوجية الهامة، وبالتالي استطاع ان يكتشف العديد من الجينات المسببة للعديد من الأمراض وفتح المجال علي مصراعيه للبحث عن علاجات جديدة لمجموعة كبيرة من الأمراض قد تنجم عن خلل في الجينات المسئولة عن التحكم في ظاهرة التحلل الذاتي للخلايا في الإنسان.
هكذا يكون البحث العلمي في ارقي صورة، وهكذا يكون انعكاس البحث العلمي علي صاحبة وعلي المجتمع الإنساني بأكمله.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire